الخميس، 6 مارس 2014

نداء للوطن ✿

منذ أن وطأت قدماي ذهاباً لم تذق عيناي طعماً للنوم ‪, ‬اتخذت من الوحدة مفرشاً   
و اصبح للحنين طعماً مراً . وحدتي من مفارقتي لوطني غالي أخذتها ثمناً لدراسة
هندسة الطاقة النووية في الخارج ، سافرت للخارج منذ بضعة شهور و تبقت لي
سنتين أخرى لأتخرج ، لكن الايام تمضي هنا ابطأ مما كنت أتصور ، اشتقت
لمجالسة أهلي ، و تلك الضحكات في الخيم مع الاصدقاء امام نار الشتاء ، و رائحة
ذلك اللحم الذي كنا نعده على الغداء كل جمعة .  ها انا الآن اتوجه للجامعة بخطوات
متثاقلة بسبب البرد الشديد هنا ، لكن كلما وضعت امل الارتقاء بوطني اشعر و كأن
الثقل قد هان . استطعت الوصول إلى المحطة قبل أن يذهب القطار الذي يوصل إلى
جامعتي التي تبعد عن مكان سكني بمحطة ، دخلت القطار و جلست في مكاني المعتاد
بالقرب من الباب كي أخرج بسرعة ، فكرت باستغلال وقتي بمراجعة المواد إلا أن
أحدهم كان يحدثني بلغة أجنبية ‫:‬ أنت لست من هنا ، أليس كذلك ؟  ألتفت إليه و توقفت
للحظة ثم عرفت انه يتحدث إلي أجبته : نعم ، أنا طالب مبتعث جئت للدراسة .
الرجل : آه يبدو ذلك رائعاً ، أنا جون و أنت ؟ يمد يده للمصافحة ، مددت يدي و
قلت : أنا أحمد سررت بمعرفتك . سألني : من أين انت و ماذا تدرس ؟ أجبته بفخر : أنا من
دولة الامارات العربية و جئت لدراسة الطاقة النووية . بدت علامات الاهتمام والتعجب على
محياه و استفسرني : لكن أليس هذا التخصص صعب قليلاً ؟ أعني هناك أشياء أخرى
تستطيع ان تدرسها . فكرت بتمعن بما قاله ثم أجبت : نعم انا اوافقك على ذلك ، لكن كل
شيء يهون إن كان هذا شيء أخدم و أفيد به وطني و ليس هناك بيادر كافية في هذا المجال .
ضحك بهدوء ثم قال : من النادر أن نجد أشخاصاً لديهم هذه النظرة ، لماذا تريد أن تخدم وطنك ؟
شعرت بأن هذا السؤال لا جواب له ، أعني أن هناك اسباب لا تعد و لا تحصى ، فقلت له : وطني
اعطاني امناً و مسكناً و ذلك المكان الذي دائماً له اعود اعطاني قلماً و دفتراً كي افطن امور
هذا الكون و ها أنا الان ، اغتربت عنه أملاً من أن أجعل من هذا جميلاً مردود . أعجب بردي هذا
و صافح يدي مجدداً و قال : دولة الامارات فخورة كونك فرداً منها ، أحييك على هذا الانتماء .
 توقف القطار عند محطة الجامعة وقفت و ودعته و اتجهت إلى صفي و الابتسامة مرتسمة على
 وجهي ، هذا صحيح ، أنا جئت هنا لكي أنفع بعلمي وطناً و أجعله في الأعالي و الشموخ . أيها
الوطن ، في سبيل رقيك و حمايتك سنكون كالصخر في الصمود . يا إله العالمين ، إحفظ لنا هذا
 الوطن عن كل عدو لدود  و اجعل منه و من شعبه ذخراً لنشر دينك في أقصى الحدود .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق